الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **
3547- لا أَفْعَلُ ذلِكَ مَا جَبَحَ ابْنُ أتانٍ قَاله عدى، يُقَال: جَبَح وجَبَخَ - بالخاء، والخاء - وابن الأتَانِ: الجحشُ، أي لا أفعل كذا أبداً. 3548- لا تَحْبِقُ في هذا الأمْرِ عَنَاقٌ حَوْلِيَّةٌ قَاله عدى بن حاتم حين قُتل عثمان رضي الله عنه، فلما يومُ الجمل فقُئت عين عدى وقُتل ابنه بِصِفِّين، فقيل له: يا أبا طريف، ألم تزعُم أنه لا تحبق في هذا الأمر عَنَاقٌ حولية؟ فَقَال: بَلَى والله، التَّيْسُ الأعظَم قد حَبَق فيه، قَالوا: ولما كان بعد ذلك دخَلَ على معاوية وعنده عبد الله بن الزبير، فَقَال ابن الزبير: يا أمير المؤمنين هِجْهُ فإنَّ عنده جواباً، فَقَال معاوية: أما أنا فلا، ولكن دونك إن شِئت، فَقَال له ابن الزبير: أي يوم فقئت عينك ياعدى، قَال: قي اليوم الذي قُتلَ فيه أبوك مُدْبِراً وضُرِبْتَ على قفاك مُوَالِّيا، فأفِحَمَهُ. يضرب المثل في الأمر لا يُعْبَأَ به ولا غِيَرَ له، أي لا يدرك فيه ثأر. ومثلُه قولهم: 3549- لا تَنْفِطُ فِيهِ عَنَاقٌ أي لا تَعْطَس، والنَّفيط من العَنَاق مثلُ العُطَاس من الإنسان. ومثلهما: 3550- لا يَنْتطِحُ فِيهِ عَنْزَانِ أي لا يكون له تَغْيير ولا له نكير. فأما قولهم: 3551- لا تَنْطَحُ بِهَا ذَاتُ قَرْنٍ جَمَّاءَ فإنما يُقَال ذلك عند اشتداد الزمان وقلة النشاط. 3552- لا أَفْعَلُ ذلِكَ مَا لأَلأَتِ الفُوزُ بأَذْنَابِهَا اللألأة: المصْع، وهو التحريك، والفُوز: الظِّباء، ولا واحد لها من لفظها، ويروى "مالألأت العُفْر" وهى الظبأ أيضاً أي أبداً؟ 3553- لا لَعَاً لِفُلاَنٍ يُقَال للعاثر "لَعاً له" إذا دَعَوْا له، [ص 226] و"لا لَعاً له" إذا دَعُوا عليه وشمتوا به، أي لا أقامه الله من سَقْطته، قَال الأخطَل: فَلاَ هَدَى الله قَيْسَاُ مِنْ ضَلالَتْهِمْ * وَلاَ لَعاً لِبَنِي ذَكْوَانَ إذ عَثَرٌوا 3554- لا قَرَارَ عَلَى زَأرٍ مِنْ الأَسَدِ تمثل به الحجاج حين سَخِطَ عليه عبدُ الملك، وهو قول النابغة: نُبَئتُ أن أبا قَابُوسَ أوعَدَنى * وَلاَ قَرَارَ عَلَى زَأرٍ مِنْ الأسَدِ 3555- لا تَقْتَنِ مِنْ كَلْبِ سُوءٍ جَرْواً وينشد على هذا المعنى: تَرْجُو الوَلِيدَ وَقَدْ أعْيَاكَ وَالِدُهُ * ومَا رَجاؤكَ بَعْدَ الوَالدِ الوَلَدَا 3556- لا أَفْعَلُهُ سِنَّ الحِسْلِ أي أبدا. يُقَال: إن الحِسْلَ - وهو ولد الضَّبِّ - لا تسقُطُ له سن، ويقَال: إن الضب والحية والقُرَاد والنَّسْر أطولُ شَيء عُمُراً، ولذلك قَالوا "أحْيى من ضب" لطول حياته، زعموا أن الضبَّ يَعِيش ثلثمائة سنة، والتقدير: لا آتيك دوامَ سن الحسل، أي مدة دَوَامه 3557- لا يَكُونُ كَذَا حتَّى يَحِنَّ الضَّبُّ في أثَرِ الإبل الصَّادِرَة وهذا لا يكون؛ لأن الضبَّ لا يَرِدُ ولا حاجة به إلى الماء، وقد مر في الكتاب ذكر الضب والضفدع فلا فائدة في إعادته هنا 3558- لا أدْرِى أيُّ الجَرَادِ عَارَهُ أي ما أدري مَنْ أهلكه ومَنْ دهاه وأتى إليه ما يكره. 3559- لا يَلتَاطُ هذا بِصُفْرِى ويروى "لا يليق بصفرى" قَال الكسائي: لاَطَ الشَيء بقلبي يلوط ويَلِيط أي إذا لزق به، ولا يلتاط بصفرى: أي لاَ يَلْصَق بقلبي، وهذا ألوَطُ بقلبي وأليَطُ وأصل الصُّفْرُ الخُلُو، يُقَال: صَفِرَتْ يدى، أي خَلَتْ، وصَفِرَ الإناء، أي خلاَ كأنه قيل: لا يلزق ولا يقر هذا في خَلاَء قلبي. 3560- لا تَأكُلْ حتَّى تَطِيرَ عَصَافِيرُ نَفْسِكَ أي حتى تشتهى وتنطلق نفسك للطعام 3561- لا يَعْدَمُ مانِعٌ عِلَّةً يضرب لمن يعتلُّ فيمنع شُحاً وإبقاء على ما في يده. [ص 227] 3562- لا عِلَّةَ لا عِلَّةَ، هذه أَوْتَاد وَأَخِلَّةٌ أصلُ المثل لامرَأة خَرْقَاء كانت لا تُحِسْن بناء بيتها، وتعتلُّ بأنه لا أوتاد لها، فأتاها زوجُها بالأوتاد والأخِلَّة، وقَال لها هذا القول. يضرب لمن يعتلُّ عليك بما لا عِلَّةَ له فيه 3563- لا يَنَامُ مَنْ أَثأَرَ أي مَنْ طلب الثأر حَرَّمَ على نفسه الدَّعَةَ والنوم. يضرب في الحث على الطلب. 3564- لا أَفْعَلُهُ ما حَيٌّ حَيٌّ أَو ماتَ مَيْتٌ أي ابداً. 3565- لا عِتَاب بَعْدَ المَوْتِ يضرب في الحث على الإعتاب. 3566- لاَ يَمْلكُ الحَائنُ حَيْنَهُ أي دَفَع حَينهُ، وأراد بالحائن الذي قُدِّرَ حَيْنُه، لا الذي حَانَ وَهَلَكَ. 3567- لاَ عِتَابَ عَلَى الجَنْدَلِ ذكر بعضُهم أن مَلِكة كانت بسبأ، فأتاها قوم يخطبونها، فَقَالت: لِيَصِفْ كلُّ رجلٍ منكم نفسه، ولبَصْدُقْ وليُوجِزْ، لأتقدم إن تقدمت أو أدَعَ إن تركت على عِلْم، فتكلم رجل منهم يُقَال له مُدْرِك فَقَال: إن أبي كان في العز الباذخ، والحسَبِ الشامخ، وأنا شرس الخليقة، غيرُ رِعْدِيد عند الحقيقة، قَالت: لا عتابَ على الجندل، فأرسلتها مَثَلاً. يضرب في الأمر الذي إذا وَقَعَ لا مَرَدَّ له قَال أبو عمرو. ثم تكلم آخر منهم يُقَال له ضَبِيسُ بن شرس، فَقَال: أنا في مال أثيثٍ، وخُلُق غير خبيث، وحسَب غير عَثيث، وأخذُو النعلَ بالنعل، وأجْزَى القَرْضَ بالقرض، فَقَالت: لا يَسُرُّكَ غائبا من لا يسرك شاهدا، فأرسلتها مَثَلاً. ثم تكلم آخر منهم يُقَال له شَمَّاس بن عبَّاس، فَقَال: أنا شَمَّاس بن عباس، معروف بالنَّدَى والباس، حُسْنُ الخلق في سجيته، والعدل في قضيتي، مالى غير مَحْظُور على القُلِّ والكُثْر، وبابي غيرُ محجوبٍ على العُسْر واليُسْر، قَالت: الخير مُتَّبَع والشرُّ محذور، فأرسلتها مَثَلاً. ثم قَالت: اسمع يا مُدْرِك وأنت يا ضَبيس، لن يستقيم معكما مُعاشرة لعشير حتى يكون فيكما لين عَرِيكة، وأما أنت يا شَمَّاس فقد [ص 228] حَلَلْتَ منى محلَّ الأهزَعِ (الهزع: آخر ما يبقى من السهام في الكنانة، والكنانة: وعاء السهام). من الكِنَانة والواسطة من القلادة؛ لدَمَاثة خُلُقك وكَرَم طِبَاعك، ثم اسْعَ بِجِدٍّ أودَعْ، فأرسلتها مَثَلاً، وتزوجت شماسا. 3568- لا أفْعَلُ كَذَا ما أنَّ السَّماءٌ سَمَاءٌ أي ما كان السماء سماء. وكذلك: 3569- لاَ أفْعَلُهُ مَا أنَّ في السَّمَاء نَجْمَاً ويروى "ما عَنَّ في السماء نجم" أي ظهرَ، ويجوز "ما عنَّ في السماء نجما" على لغة تميم؛ فإنهم يجعلون مكان الهمزة عينا. 3570- لاَ آتِيكَ السَّمَرَ والقَمَرَ أي ما كان السمر والقمر. قَال الأصمعى: السَّمَر عندهم الظُلْمة، والأصل في هذا أنهم كانوا يجتمعون فَيَسْمَرُون في الظلمة، ثم كثر الاستعمال حتى سموا الظلمة سَمَراً، وأنشد في أن السمر الظلمة: لاَ تَسْقِنى إن لَمْ أزُر سَمَراً * غَطَفَانَ مَوْكب جَحْفَلٍ ضَخْمٍ تُدْعَى هوازنُ في طوائفه * يتوقٌّدَ تَوْقُدَ النَّجْمِ 3571- لاَ أفْهَلُهُ مَا جَمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ قَال اللحياني: الجمير المظلم. قلت: جَمَّر معناه جَمَع، والظلام يَجْمَع كلَّ شَيء، ومنه جَمَّرَتِ المرأة شَعْرَها، إذا جَمَعَتْه وعقَدَتْهُ في قَفَاهَا ولم ترسله، وابن جَمِير: الليل المظلم، وابن سَمير: الليل المقمر، وينشد: (البيت لعمرو بن أحمر الباهلى) نَهَارهُمُ ظَمْآن ضَاحٍ، ولَيْلُهُم * وَإن كَان بَدْراً ظُلْمةُ ابنِ جَمِير وكذلك "لا أفعله ما سَمَرَ ابنَ سَمِير" قَالوا: السمير والجمير الدهر، أجْمَرَ القومُ على الشَيء، أي اجتمعوا، وابنا جِميرٍ: الليل والنهار، سُميِّا بذلك للاجتماع كما سُمِّيا ابنَىْ سَمِير لأنه يُسْمَر فيها. 3572- لا أفْعَلُ كَذَا سَجِيسَ الأَوْجَسِ وهو الدهر، وسَجيسُه: آخره، ويقَال: طولهُ، قَال قيس بن زهير يرثى حَمَلاً: ولَوْلاَ ظُلْمُهُ مَا زِلْتُ أبكِى * سَجِيسَ الدَّهْرِ مَا طَلَعَ النَّجُومُ ويقال: 3573- لاَ آتِيكَ سَجِيسَ عُجَيْسٍ وإنما سمى عجيساُ لأنه يتعَجَّس أي يبطىء فلا يذهب أبداً، قَال: [ص 229] وَوَالله لا آتِى ابن ماطئة اسْتِهَا * سَجِيسَ عُجَيْسٍ ما أبان لِسَانِي (روى الجوهري صدره: فوالله لا آتى ابن ضمرة طائعا*) أي أبدا، يُقَال "مطا" إذا ضرب، فقوله "ماطئة استها" معناه ضاربة استها، يقال: سجين عَجِيس، وسجيسَ عُجَيَس مصغراً، (ذكر المجد في (ع ج س) أن عجيسا أتى مكبرا، ونص الشارح على خطئه) وسجيسَ الأوجَسِ والأوجُسِ، ومعنى كله الدهر، قَال ابن فارس: هذا من الكلام المشكل. 3574- لا أفْعَلُهُ دَهْرَ الدَّهَارِيرِ قَال الخليل: الدَّهَارِيرِ أولُ يوم من الزمان الماضي، ولا يفرد منه دهرير، قَال: والدهر هو النازلة، تقول: دَهَرَهم أمر، أي نزل بهم مكروه ويقَال أيضاً: لا أفعله دَهْرَ الداهرين، وأبدَ الابدين، وعوض العائضين، كله بمعنى أبدا. 3575- لاَ يُلْبِثُ المرء اخْتِلاَفُ الأحْوَالْ مِنْ عَهْدِ شَوَّالٍ وَبَعْدَ شَوَّالْ يُفْنِيهِ مِثْلَ فَنَاء السِّرْبَالِ 3576- لاَ تُيْبْسِ الثَّرَى بَيْنى وَبَينْكَ يضرب في تخويف الرجل صاحبَه بالهجر، ويروى "لا توبس" وينشد فَلا تُوِبِسُوا بَيْنى وَبَيْنَكُم الثَّرَى * فَإنَّ الَّذي بَيْنِى وَبَيْنَكُم مُثْرِى 3577- لا يَبِضُّ حَجَرُهُ البَضُّ: أدنى ما يكون من السيلان يضرب للبحيل الذي لا خَيْرَ فيه. 3578- لا هُلْكَ بوَادٍ خَبِرٍ الخَبِرُ: من الخَبرِ، أي بوادٍ ذي شجرٍ من النبق وغيره، ومناقع الماء التي تبقى في الصيف، يُقَال: خَبِرَ الموضعُ يَخْبَرُ خَبَراً، إذا صار ذا سِدْرٍ، فهو خَبِر. يضرب مَثَلاً للرجل الكريم ذي المعروف، أي مَنْ نزل به فلا يُخَافُ عليه الهلْكُ. 3579- لاَ حِضْنُهَا حِضْنٌ وَلاَ الزِّنَاءُ زِنَاءٌ يضرب لمن لا يبقى على حالة واحدة، لا في الخير ولا في الشر. 3580- لاَ يَغُرَّنَّكَ الدُّبَّاء وَإنْ كانَ فِي الماءِ قَاله أعرابى تناولَ قَرْعاً مطبوخا فأحرق فمه، فَقَال: لا يغرنَّكَ الدباء وإن كان نشؤه في الماء. يضرب مَثَلاً للرجل الساكن الكثير الغائلة.[ص 230] 3581- لاَ يُنْبِتُ البَقْلَةَ إلاَّ الحَقْلَةُ يُقَال: الحَقْلَة القَرَاح، أي لا يَلِدُ الوالدُ إلا مثله. وقَاله الأزهري: يضرب مَثَلاً للكلمة الخسيسة تخرج من الرجل الخسيس، حكاه عن ابن الأعرابي 3582- لاَ تَجْنِ مِنَ الشَّوْكِ العِنَبَ أي إذا ظلمت فاحدر الانتصار والانتقام 3583- لاَ تَنْقُشِ الشَّوْكةَ بِمِثْلِهَا فَإن ضَلْعَهَا مَعَهَا أي لا تستعن في حاجتك بمن هو للمطلوب منه الحاجة أنْصَحُ منه لك، ويروى "فإن ابتهالها" وروى أبو عمر "فإن ضلعها لها" أي ميلها لها. 3584- لاَ ذَنْبَ لي قَدْ قُلْتُ لِلْقَوْمِ اسْتَقُوا ويُنشد معه: أنْ تَرِدَ المَاءَ بِمَا أرْفَقُ* لاَ ذَنْبَ لي قَدْ قُلْتُ لِلْقَوْمِ اسْتَقُوا ثم قَال: وَهُمْ إلىَ جَنْبِ غَدِيرٍ يَفْهَقُ* يضرب لمن لا يقبل الموعظة 3585- لاَ أَفْعَلُ كَذَا ما بَلَّ البَحْرُ صُوفَةً، ومَا أَنَّ فِي الفُرَاتِ قَطْرَةً أي أبدا 3586- لاَ تَرَاءى نَارَاهُمَا قَاله صلى الله عليه وسلم، يعنى نارى المسلم والمشرك، أي لا يَحِل للمسلم أن يسكن بلاد الشرك فيكون معهم، بحيث يرى كل واحد منهما نار صاحبه، فجعل الرؤية للنار، والمعنى أن تدنوا هذه من هذه، وأراد لا تتراءى، فحذف إحدى التاءين، وهو نفى يراد به النهى. 3587- لاَقَدْحَ إنْ لَمْ تُورِ نَاراً بِهَجَرَ هذا للعجاج يخاطب عمرو بن معمر، يقول: إن قَدحْتَ في كل موضع فليس بشَيء حتى تُورى بهَجَر يضرب لمن ترك ما يلزمه في طلب حاجته 3588- لاَ يَفُلُّ الحَدِيدَ إلاَّ الحَدِيد هذا مثل قولهم "الحديدُ بالحديد يُفْلَحُ" وقَال: قَوْمُنَا بَعْضُهًمْ يُقَتِّلُ بعضاً * لا يَفُلُّ الحَديدَ إلاَّ الحَدِيدُ 3589- لاَ يُجْمَعُ سَيْفَانِ فِي غِمْدٍ قَال أبو ذؤيب:[ص 231] تُرِيدِينَ كَيمَا تَجْمَعينِى وَخَالِدَاً * وَهَلْ تُجْمَعُ السِّيْفَانِ وَيْحَكِ فِي غمْدِ؟ 3590- لاَ تَأمَنِ الأحْمَق وبِيَدِهِ السَّيْفُ يضرب لمن يتهدَّدك وفيه مُوقٌ 3591- لاَ تَعْجَلْ بالإنْبَاضِ قَبْلَ التَّوتِيرِ الإنباض: أن تمدَّ الوَتَر ثم تُرْسِله فتسمع له صوتاً، قَال اللحياني: هذا مثلٌ في الاستعجال بالأمر قبل بلوغ أنَاهُ 3592- لاَ تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ قَال أبو عبيد: قد علم أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد ضربَهم بالعَصَا، إنما هو الأدَبُ أراد لا ترفع أدبك عنهم، وقيل: أراد لا تغب ولا تباعدوا عنهم، من قولهم "إنشَّقت عصاهم" إذا تبعدوا وتفرقوا، وهذا تأويل حسن 3593- لاَ تَدْخُلْ بَيْنَ العَصَا وَلِحَائِهَا يضرب في المتخالين المتصافيين، قَال: لاتَدْخُلَنْ بنميمة * بين العَصَا ولحائها 3594- لاَ يَحْزُنْكِ دَمٌ هَرَاقَهُ أَهْلُهُ قَاله جَذيمة، وقد مر ذكره في قصة قصير والزباء في حرف الخاء. يضرب لمن يوقع نفسه في مَهْلكة 3595- لاَ تَسْألِ الصَّارِخَ وانْظُرْ مالَهُ يضرب في قضاء الحاجة قبل سُؤَالها 3596- لاَ جَدِيدَ لِمَنْ خَلَق لَهُ يضرب لمن يمتهن جديدَه فيؤمر بالتوقَّى عليه بالخَلَق. ويروى أن عائشة رضي الله عنها وَهَبَتْ مالاُ كثيراً، ثم أمَرَتْ بثوب لها أن يُرقَعَ وتمثلت بهذا المثل. 3597- لاَ يَعْجِزُ مَسْكُ السُّوءِ عَنْ عَرْفِ السُّوءِ قَال أبو عبيدة: يضربُ هذا في الذي يكتم لؤمه وهو يظهر. 3598- لاَ تَحْقِنُهَا مِنِّى في سِقَاءٍ أَوفَرَ يُقَال: سقاء أوفرُ وقِرْبة وَفْرَاء، للتي لم ينقص من أديمها شَيء. يضرب هذا للرجل يظلم فيقول: أما والله لا تحقنها منى في سقاء أوفر، أي لا تذهب بها منى حتى يستقاد منك. ومنه قول أوسٍ: إنْ كَانَ ظَنِّى يَا ابْنَ هِنْدٍ صَادِقَاً * لَمْ يَحَقِنُوها في السِّقَاءِ الأوفَرِ حَتَّى يلفَّ نخيلَهم وزرُعَهُمْ * لَهَبٌ كناصية الحصان الأشْقَرِ [ص 232] 3599- لاَأَكُونُ أَوَّلَ مَنِ التَبَأَ لِبَأهُ يُقَال: ألبَأتِ الشاة ولَدَها، أي أرضعته الِّلبأ، والْتَبَأها وَلَدها. وأصل المثل أن حكيم بن مُعًية بن ربيعة الجوع كانت عنده امرَأة من بنى سَليط، وكان حكيم راجزاً، وكان جرير يهجو بنى سليط، فَقَالت بنو سليط لحكيم: قَبَحَك الله من صهر قوم، هذا الغلام يقطع أعراضنا - يعنون جريرا - وأنت راجز بنى تميم لا تعينُ أبا زوجك، فخرج حكيم نحوه، وأقبل مع بنى سليط، ودون الموقف الذي به جرير والجماعة نَجْفَة - وهى مارتفع من الأرض كالأكَمة - قَال حكيم: فلما وافيتها سمعتُه يقول لا تَحِسَبَنِّي عَنْ سَلِيطٍ غَافِلاَ * إنْ تَغشَ لَيْلاً بسَليط نازلاَ لاَ تَلْقَ أفْرَاساً وَلاَ صَوَاهِلاَ * وَلاَ قِرَى لِلْنازِلينَ عَاجِلاَ لا يتقى حُولاً ولا حَوَامِلاَ * يترك أصْفَانَ الخُصَي جَلاَ جِلاَ فنكصتُ على عَقِبى، فَقَالت لي بنو سليط: أين تريد؟ فقلت: والله لقد جلجل الحصى جلجلةً لا أكون أولَ من التَبَأ لِبَأة فعرفتُ أنه بحر لا يُنكش ولا يُفْثَج، (لا ينكش: لا ينزف ولا يغيض، ولا يفثج: لا ينزح) فنكصْتُ وانصرفت عنه، وقلت: ايم الله لا جَلْجَلتنى اليوم، فأرسلها مَثَلاً، ومعنى قوله "لا أكون أول من التَبَأَ لِبَاه" أي لا أعرض نفسى لهجائه ولا أتحكك به. 3600- لاَ أَفْعَلُ كَذَا ما اخْتَلَفَتِ الدِّرَّةُ وَالجِرَّةُ وذلك أن الدِّرَّة تَسفُل والجِرَّة تعلو، فهما مختلفَتَان. 3601- لاَ حَرِيزَ مِنْ بَيْعِ أي لاَ احْتِرَازَ ولاَ امتناع من بيع، وهو أنَّ القوم إذا أنْفَضُوا فلم يكن عندهم شيء قَالَوا: أخْرِجُوا بنت فلاَن وبنت فلاَن فيبيعونهن. 3602- لاَ يُلْبِثُ الحَلَبَ الحَوَالِبُ أن لاَ يُلْبِثُونَه أن يأتوا عليه إذا اجتمعوا له، وقيل: معناه يأخذ الحالبُ حاجته من اللبن قبل صاحب الإبل. 3603- لاَ تَكُنْ حُلْواً فتُسْتَرطَ، ولاَ مُرّاً فَتُعْقِىَ الاَستراط: الاَبتلاَعُ، والإعقاء: أن تشتدَّ مرارةُ الشيء حتى يُلْفَظَ لمرارته، وبعضهم يروى "فَتُعْقَى" بوزن فتسترط والصواب كسر القاف، يُقَال: أعقَى الشيء [ص 233] والمعنى لاَ تتجاوز الحد في المرارة فترمى، ولاَ في الحلاَء فتُبْتَلَع، أي كنْ متوسطا في الحالين 3604- لاَ تَسْأَلْ عَنْ مَصَارِعِ قَوْمٍ ذَهَبَتْ أَمْوَالُهُمْ أيْ أنهم يتفرقون فيموتون بكل أوْبٍ 3605- لاَ رَأْيَ لمَكْذُوبِ قد مرت قصتها تامة في الباب الحاء (انظر المثل -1025) 3606- لاَ يَكْذِبُ الرَائِدُ أَهْلَهُ وهو الذي يُقَدِّمُونه لَيرْتاد منزلاَ أو ماء أو موضع حِرْز يَلْجَؤن إليه من عدو يطلبهم، فإن كَذَبهم صار تدبيرهم على خلاَف الصواب، وكانت فيه هَلَكتهم، أي أنه وإن كان كذاباً فإنه لاَ يكذب أهله. يضرب فيما يُخَاف من غِبِّ الكذب. قَالَ ابنُ الأعرابي: بعث قوم رائداً لهمْ فلما أتاهُم قَالَوا: ما وراءك؟ قَالَ: رأيت عُشْباً يشبعْ مِنهُ الجملُ البروكْ، وَتَشكَت منه النساء، وهَمَّ الرَجلُ بأخيه، يقول: العشب قليل لاَ يناله الجمل من قصره حتى يبرك، وقوله "تشكت مِنهُ النِساء" أي مِنْ قِلَّته تحلب الغنم في شَكْوَةٍ، وقوله"وهمَّ الرجُلُ بأخيه" أي تقاطَعَ الناسُ فهمَّ الرجلُ أَنْ يدعو أخاه ويصله من قلة العشب. 3607- لاَ آتِيكَ مَادَامَ السَّعْدَانُ مُسْتَلْقِياً قيل لأعرابي كَرِهَ البَادية: هل لك في البادية؟ قَالَ: أما دام السَّعْدَان مستلقياً فلاَ، قَالَوا: وكّذا ينبت السَّعْدَان. 3608- لاَ أفْعَلُهُ حتَّى تَرْجِعَ ضالَّةَ غَطَفَانَ يعنونْ سِنان بن أبي حارثة المُرِّيَّ، وكان قومه عنَّفُوهُ على الجود، فَقَالَ: لاَ أراني يؤخذ على يدي، فركب ناقته ورمى بها الفَلاَة فلم يُرَ بعد ذلك، فصار مثلاً. 3609- لاَ حِسَاسَ مِنَ ابْنِي مُوقِدِ النَّارِ يُقَال: إنَ رَجُلين كانَ يُقَال لَهُما ابنا موقد النار، كانا يُوقِدَان على الطريق، فإذا مرَّ بهما قومٌ أضافاهم، فمضيا ومر بهما قوم فلمْ يَرُوهما، فقيل: لاَ حِساس منْ ابني موقدِ النار، والحِسَاس: ما يُحَسْ أي يُرَى، يعنى لاَ أثر مِنهُما يُبْصَر. يَضرب في ذَهاب الشيء البتة حتى لاَ يرى منهُ عَيْن ولاَ أثَر. 3610- لاَ تَجْعَلَنَّ بِجَنْبِكَ الأَسدةَ قُلت: هذا مثلٌ يَقَع فيه التصحيف،[ص 234] فقد رَوَى بعضُ النَّاس "لاَ تحفلنَّ بجنبك الأشد" وتحَّملَ له معنى يبعد عن سَنَن الصواب، وقد تمثل به أبو مُسْلم صَاحبُ الدولة حين وردَ عليه رؤبة بن العجاج وأنشده شِعره، ثم قَالَ له أبو مسلم: إنك أتَيتَنا والأموال مَشُفوهَة والنوائبُ كَثيرة، ولكَ علينا مُعَوَّل، وإلينا عَوْدَة، وأنتَ لنا عاذر، وقد أمرنا لكَ بشيء وهو وَتِح (الوتح - بفتح الواو وسكون التاء أو فتحها أو كسرها - ومثله الوتيح: القليل التافه من الشيء) فلاَ تجعلنَّ بجنبك الأَسدة، هكذا أورَدهُ السلامي في تاريخه، فإن الدَهر أطرَقُ مستتبٌّ، ثُم دعا بِكِيسٍ فيه ألفُ دينار فدفَعَه إليه، قَالَ رؤبة: فوالله ما أدْرِي كيفَ أُجِيبه، قَالَ الجوهَري: السَّد - بالفتح - واحدُ الأَسدة، وهيَ العُيُوب مثلُ العَمَى والصَّمَ والبَكَم، جمع عَلى غَير قياس، وكان قياسه سُدوداً، ومنه قولهم "لاَ تجعلن بجنبك الأَسدة" أي لاَ يضيقَنَّ صدرُك فَتَسكت عن الجَواب كمن به صَمَ أو بكم، قَالَ الكُمَيْت: وَمَا بَجْنَبيَّ مِن صَفْحٍ وَعَائِدَةٍ * عِنْدَ الأَسدة إنَّ العِيَّ كالعَضَبِ يقول: ليس بي عي ولاَ بكم عَن جَواب الكاشح، ولكنى أصفح عنه؛ لأن العي عن الجواب كالعَضب، وهو قَطع يَد أو ذهاب عضو، والعَائدة: العَطف، هذا كلامهُ، وأما قول أبى مسلم "فإن الدهر أطْرَقَ مستتب" فالطرق: استرخاء وضُعف في الرُكبتين، والاستتباب: الاستقامة، يريد أن الدهر تارة يَعْوَجُّ وتارة يستقيم، وهذا كالاَعتذار منه إلى رؤبة. 3611- لاَ أَبْقَى اللهُ عَلَيْكَ إنْ أَبْقَيْتَ عَلَىَّ يُقَال: أَبقَيْتُ الشيء، أي جَعلته باقيا، وأبقيت على الشيء، إذا تركتَه عَطْفاً عَليه ورَحمة له، يُقَال هذا للمتوعد، ومعناه لاَ بقيتَ إنّ أبقيتني، يعني لاَ تَأْلُ جَهْداً في الإساءة إلىَّ إنْ قَدَرْتَ 3612- لاَ فِي أَسْفل القِدْرِ ولاَ فِي أَعْلاَهَا هذا قريبٌ من قولهم "لاَ في العير ولاَ في النفير" 3613- لاَ تَدْعَنَّ فَتَاةً وَلاَ مَرْعَاةً فإنَّ لِكُلٍّ بُغَاة يضرب لمن يُؤمر بانتِهَاز الفُرْصَة وأخْذِ الأمر بالحزم.[ص 235] 3614- لاَ أَلِيةَّ لِمُجْرِبٍ الألَّيةُ: القَسَم، والمُجْرِبُ: صاحبُ الإبل الجَرْبى، وهذا مثلُ قولهم "أكْذَبُ من مُجْرِب" لأنه يُسأل الهِنَاء فَيْحلف أنه لاَ هَنَاء عنده لاَحتياجه إليه. 3615- لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ طَرِيقُ بِرْكٍ وَإنْ كُنْتَ فِي وَادِي نَعَامٍ بِرْك ونَعَام: موضعان بناحية اليمن. يضرب لمن له عِلم بأمر وإنْ كان خارجاً مِنهُ. 3616- لاَ يَعْدَمُ خَابِطٌ وَرَقاً أي مَنِ انتَجَعَ لاَ يَعْدَمُ عُشْباً. 3617- لاَ يَدْرِى الكَذُوبُ كَيْفَ يأْتَمِرُ أي كَيفَ يَمتَثل الأمر ويَتْبَعُه. 3618- لاَ تَنْفَعُ حِيْلَةٌ مَعَ غِيلَةٍ يضرب للذي تأتَمنهُ وهو يَغُشُّك ويغتَالك. والغِيْلَة: اسمٌ منَ الاغتيال. 3619- لاَ تَرْتَدْ عَلَى قَرْوَاهَا القَرْوى: فَعْلَى من القَرْو، وهو التَتَبع يُقَال: قَرَوْتُ البلاَدَ، إذا تتبعتها بأن تخرج من أرض إلى أرض. يَضرب للرجل يتَكَلم بالكلمة لاَ يستطيع أن يردَّها. والتاء في "ترتد" كناية عن الكلمة أي لاَ ترجع الكلمة على عقبها بعد ما فُهْتَ بها 3620- لاَ بُقْيَا لِلْحِمِيَّةِ بَعْدَ الحرَائِمِ البُقْيَا: الإبقاء، والحريمة: ما فاتَ مِنْ كُل مَطموع فيه، ويُراد بها الحرم هنا، ويروى عن محكم اليمامة أنه كان يقول فيما يَحُضُّ به قومه مُسَيْلمة الكذاب: الآن تُسْتَخَفُّ الحرائم غير حَظِيِّات، وينكحن غيرَ رَضيات، فما كانَ عِندكم منْ حَسَب فأخرجوه، يعنى لاَ بُقيَا بعد هذا اليوم لشيء 3621- لاَ يَنْفُعُكَ مِنْ جَارِ سُوءٍ تَوَقَّ التَّوْقي: الاتقاء. يَضرب في سُوء المجاورة. ومثله ما روى عن داود النبي عليه السلام: اللهم إني أعوذ بكَ مِنْ جارٍ عينه تَرَانِي وقلبه يَرْعَانِي، إنْ رَأي حسنةً كتَمَهَا، وإنْ رأي سيئةً نَشَرَها. 3622- لاَ يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إلاَ ثَلْباً يعنى أنه سَفيه يُصَرِّح بمُشاتمة الناس منْ غير كِناية ولاَ تعريض، والثَّلْبُ: الطعن في الأنساب وغيرها، ونصب على [ص 236] الاستثناء من غير الجِنس. 3623- لاَ تُبَرْقِلْ عَلَيْنَا هذا مأخوذ من البَرق بلاَ مَطَر، ومعناه الكلام بلاَ فعل. يضرب للمُتَصَلِّف. يُقَال: أخْذنا في البَرْقَلَة، أي صِرْنا في لاَشيء.
|